بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة العواصف الرملية والترابية وإعلان العقد القادم ٢٠٢٥-٢٠٣٤ عقداً لمكافحة تلك العواصف

الدكتور محمد أحمد رمضان

مساعد رئيس جامعة بيان- أربيل

مقدمة

يحتفل العالم والأمم المتحدة اليوم الجمعة (١٢/٧/٢٠٢٤) باليوم الدولي لمكافحة العواصف الرملية والترابية حيث يصادف اليوم الذكرى السنوية الاولى لقرار الأمم الأمم المتحدة الصادر في عام ٢٠٢٣ بإعتبار يوم ١٢ تموز من كل عام يوماً دولياً لمكافحة العواصف الرملية والترابية ، كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوم الاربعاء الماضي (١٠/٧/٢٠٢٤) قراراً بإعتبار العقد القادم (٢٠٢٥-٢٠٣٤ ) عقداً لمكافحة العواصف الرملية والترابية ، ومساهمةً من جامعتنا في الاحتفال بهاتين المناسبتين الدوليتين اعددنا هذا المقال.

اولاً-أهمية الايام الدولية واليوم الدولي لمكافحة العواصف الرملية والترابية.

‏‎يعد ألاحتفال بالأيام الدولية والعقود الدولية التي تقررها منظمة الأمم المتحدة فرصاً مواتية لتثقيف الجمهور العام بشأن القضايا ذات الاهتمام، ولحشد الإرادة السياسية والموارد اللازمة لمعالجة المشكلات العالمية، وللاحتفال بإنجازات الإنسانية ولتعزيزها. و إحتضنت الأمم المتحدة إلاحتفال بتلك الايام والعقود الدولية بوصفها وسيلة للدعوة والتثقيف والتوعية الفاعلة. وتحتفي الأمم المتحدة بمناسبات من أيام وأسابيع وسنين وعقود دولية وعالمية محددة حيث يخصص لكل منها شعارا أو موضوعا معينا في كل عام. وتعمل الأمم المتحدة من خلال المناسبات الخاصة على إذكاء الوعي الدولي بالقضايا ذات الصلة وعلى إحراز تقدم في ما يتصل بها. ويتيح كل يوم من الأيام الدولية الفرصة لعديد الجهات الفاعلة لتنظيم الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالموضوع أو الشعار السنوي للمناسبة. وتمثل تلك المناسبات للمنظمات وللمكاتب التابعة لمنظومة الأمم المتحدة — فضلا عن الحكومات والمجتمع المدني والقطاعين العام والخاص والمدارس والجامعات وعموم المواطنين — نقطة انطلاق لبدء جهود التثقيف والتوعية.

‏‎يهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى رفع الوعي حول التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة على مختلف المستويات، ودعم الجهود الدولية للحد من حدوثها وتخفيف آثارها.

‏‎وتُعتبر العواصف الرملية والترابية تهديدًا خطيرًا للصحة العامة والبيئة والاقتصاد، وتُسبب أمراضًا تنفسية، وتُقلل من الرؤية، وتُلحق الضرر بالمحاصيل والممتلكات، كما تُساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

‏‎ثانياً- العواصف الرملية والترابية في العراق

‏‎يعد العراق خامس اكثر بلد تضرراً من تغير المناخ والجفاف، ارتفع عدد الأيام المصحوبة بالغبار بمختلف مستويات الشدة بين العواصف والغبار البسيط، الى 272 يومًا، وسط توقعات بان يصل الى 300 يوما بحلول عام 2050، هذا يعني ان حوالي 75% من أيام العراقيين هي أيام مغبرة حاليًا.

‏‎وتتسبب العواصف الغبارية بخسائر كبيرة، حيث تتسبب بتوقف الطيران والتنقل وكذلك ادخال الاف الأشخاص الى المستشفيات، فيما يتم تقدير الخسائر المادية من العواصف الغبارية في العراق بـ10 مليارات دينار سنويًا.

‏‎وفي 2022، تكررت العواصف الغبارية الشديدة بشكل كبير حتى انها تكررت 7 مرات خلال شهر واحد، حتى تم تسجيل وفاة واحدة واكثر من 5 الاف حالة اختناق.

‏‎في 2023، حل العراق بالمرتبة الأولى عربيًا والسادس عالميًا من بين الدول الأكثر من حيث تلوث الهواء ، حيث بلغ حجم الجسيمات في الهواء، 43.8 ميكروغرام / م3، وهو تركيز الجسيمات التي يزيد حجمها عن 2.5 مايكروغرام، ماتتسبب بمشاكل خطيرة في المجاري التنفسية.

‏‎وفي احصائيات سابقة، جاء العراق بالمرتبة الرابعة ضمن اعلى 20 بلدا ذات اعلى غبار سنوي في وفيات سرطان الرئة، والسابع ضمن اعلى 20 بلدا ذات اعلى غبار سنوي في وفيات سرطان القلب.

‏‎ثالثاً- مخاطر العواصف الرملية والترابية

‏‎أكدت الأمم المتحدة أهمية وجود خطوات عاجلة لمواجهة واحد من أشد المشاهد ترويعًا في الطبيعة وهو مشهد السحب الداكنة من الرمال والغبار وهي تبتلع كل شيء في طريقها، وهي ظاهرة بمقدورها تحويل النهار إلى ليل دامس، فضلا عن تسببها في الفوضى في كل مكان من العالم.

‏‎وتمثل العواصف الرملية والترابية تحديًا هائلاً وواسع النطاق أمام الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

‏‎وأصبحت تلك العواصف مصدر قلق عالمي في العقود الأخيرة بسبب آثارها الكبيرة على البيئة والصحة والزراعة وسبل العيش والرفاه الاجتماعي والاقتصادي، وتعد العواصف الرملية والترابية عنصرًا أساسيًا في الدورات الكيميائية الحيوية الطبيعية للأرض، ولكنها كذلك ناتجة جزئيًا عن الدوافع التي يتسبب فيها الإنسان، بما في ذلك تغير المناخ، والإدارة غير المستدامة للأراضي، وهدر المياه وتسهم العواصف الرملية والترابية في تغير المناخ وتلوث الهواء، وآثار العواصف الرملية والترابية محسوسة في كافة بلدان العالم المتقدمة منها والمتنامية على السواء.

‏‎كما أنها تشكل تحديات أمام الجهود المبذولة لتحقيق ١١ هدفا من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ولا سيما الأهداف ٢ و ٣ و ٦ و ٨ و ١١ و١٣ و ١٥ ، فضلًا عن عوق وسائل تنفيذها

‏‎وتنشأ نسبة عالية من انبعاثات الغبار العالمية عن الأنشطة البشرية، حيث تضاعف الغبار الصحراوي في بعض المناطق في أثناء القرن الماضي، ومن الصعب السيطرة على تأثير هذه الظواهر، حيث قد يتسبب النشاط البشري في جزء من العالم في عواصف رملية وترابية في جزء آخر وإلى ذلك، فكما تتسبب الأنشطة البشرية في وقوع العواصف الرملية والترابية، فإن من الممكن أن تكون كذلك عناصر فاعلة في تقليلها، وإدراكًا من الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن التاثيرات السلبية للعواصف الرملية والترابية على مستويات مختلفة هي من القضايا ذات الاهتمام الدولي، فقد أعلنت يوم ١٢ تموز يومًا دوليًا لمكافحة العواصف الرملية والترابية.

‏‎وأكدت الجمعية العامة الحاجة إلى التعاون على الصعيدين العالمي والإقليمي لدرء العواصف الرملية والترابية والتعامل معها وتخفيف آثارها بتحسين نظم الإنذار المبكر وتبادل المعلومات المتعلقة بالمناخ والطقس للتنبؤ بالعواصف الرملية والترابية بالتحليل الموسمي ودون الموسمي وتوقعات تغير المناخ الطويلة الأجل استنادا إلى البرامترات ذات الصلة.

‏‎كما أكدت كذلك أن متانة الإجراءات المتخذة لمكافحة العواصف الرملية والترابية والحد منها تتطلب تحسين فهم الآثار الوخيمة المتعددة الأبعاد لهذه العواصف، بما فيها تدهور صحة الناس ورفاههم وسبل معيشتهم وزيادة التصحر وتدهور الأراضي وانحسار الغابات وفقدان التنوع البيولوجي وإنتاجية الأراضي وتهديد الأمن الغذائي، وتأثير تلك العواصف في النمو الاقتصادي المستدام.

‏‎رابعاً- أهمية عقد مكافحة العواصف الرملية والترابية

‏‎قبل يومين ، أي في يوم الاربعاء الماضي (١٠/٧/٢٠٢٤) اعتمدت الجمعية العامة قراراً بإعلان العقد القادم (٢٠٢٥-٢٠٣٤) "عقدًا لمكافحة العواصف الرملية والترابية"، ويهدف هذا العقد إلى تعزيز التعاون الدولي والإقليمي للحد من هذه الظاهرة وتخفيف آثارها.

‏‎ويجب المساهمة في نشر الوعي حول مخاطر العواصف الرملية والترابية، ودعم الجهود الدولية لمكافحة هذه الظاهرة، واتخاذ خطوات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، التي تُساهم في تغير المناخ وتزيد من حدوث العواصف الرملية، وزراعة الأشجار، التي تُساعد على تثبيت التربة ومنع انجرافها.

‏‎وتمثل العواصف الرملية والترابية تحديًا هائلاً وواسع النطاق أمام الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

‏‎ويدخل سنويا مليونا طن تقريبا من الرمال والغبار إلى الغلاف الجوي، وتحدث العواصف الرملية والترابية في الغالب في المناطق الجافة والصحراوية، ويمكن أن تحملها الرياح لمسافات طويلة لتصل إلى مناطق أبعد بكثير.

‏‎تتيح جزيئات الغبار التي تنتشر عن طريق العواصف الرملية والترابية العناصر الغذائية للنظم البيئية البحرية، ولكنها يمكن أن تسهم كذلك في موت المرجان وتكوين الأعاصير.

‏‎ويمكن أن تسبب العواصف الرملية والترابية في أمراض الجهاز التنفسي واضطرابات القلب وتهيج العين والجلد، ويمكن أن تنشر كذلك أمراضًا أخرى، مثل التهاب السحايا، فضلا عن تعطيل عمليات النقلين الجوي والبري.

‏‎يمكن أن تؤثر العواصف الرملية والترابية في الأنشطة والإنتاجيات الزراعية. كما تسهم في عمليات التصحر، وتحد ممارسات الإدارة المستدامة للمياه والأراضي من آثار العواصف الرملية والترابية.

‏‎وفي إطار المبادرة التي ستستمر عقدا من الزمان قالت الجمعية العامة إن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ستعزز ممارسات التخفيف من التصحر في البلدان المتضررة، بما في ذلك "الإدارة السليمة لاستخدام الأراضي، والتشجير وإعادة التشجير، وبرامج استعادة الأراضي".

‏‎ويدعو القرار كذلك إلى تعاون عالمي لتعزيز أنظمة الإنذار المبكر، وتبادل معلومات الطقس للتنبؤ بالعواصف الترابية والرملية التي أضحت تشكل خطراً متفاقماً على الصحة والاقتصادات في العالم.

‏‎ويأتي اعتماد القرار قبل يومين من اليوم الدولي لمكافحة العواصف الرملية والترابية في ١٢ تموز ، الذي أعلنته الجمعية العامة العام الماضي، ويتم الاحتفال به لأول مرة اليوم الجمعة (١٢/٧/٢٠٢٤).

‏‎وفي تقرير صدر عام٢٠٢٢ ، أشارت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إلى أن العواصف الرملية والترابية "زاد تواترها بشكل كبير في السنوات الأخيرة".

‏‎وأضاف التقرير أن العواصف يمكن أن تفاقم أمراض الجهاز التنفسي، وقتل المحاصيل والماشية، وزيادة التصحر، رغم أن توثيق تأثيرها محدود.

‏‎وقدرت الاتفاقية ان ( ٢ ) تريليون طن من الرمال والغبار تدخل الغلاف الجوي سنويا، معظمها في الأراضي الجافة والمناطق شبه الرطبة ذات الغطاء النباتي الشحيح، وأن غالبية الانبعاثات تنتج عن ظروف طبيعية، لكن الجفاف وتغير المناخ يؤديان إلى تفاقم المشكلة.

‏‎كما قدر التقرير أن "ما لا يقل عن ٢٥ بالمائة من انبعاثات الغبار عالميا منشأه الأنشطة البشرية" مثل الإدارة الخاطئة للأراضي والاستخدام العشوائي للمياه.