الدكتور محمد أحمد رمضان
مساعد رئيس جامعة بيان- اربيل
يحتفل الكورد في جميع انحاء كوردستان وسائر العالم في يوم ٢١ آذار ( مارس) من كل عام بعيد نوروز. وتتركب كلمة نوروز او نيروز ( Nowruz, Nooruz, Navruz, Nevruz) من مقطعين ؛ نو أو ني ويعني جديد، وروز ويعني يوم فيصبح المعنى هو ؛ اليوم الجديد وهو يعد بداية السنة الكوردية الجديدة. ويعتبر الكورد عيد نوروز عيداً وطنياً ومناسبة سنوية يؤكد فيها الكورد هويتهم ومطالبهم وحقوقهم القومية والسياسية في تركيا والعراق وسوريا وايران، و له عندهم دلالات رمزية خاصة تعود الى أكثر من (٢٧٠٠ ) سنة حيث اشار الفردوسي في شاهنامه ( ملحمة الملوك ) الى قصة فارس الحرية ورمز الثورة الكوردية على الظلم والاستبداد ( كاوه الحداد ) منقذ الشعب الكوردي من الملك الظالم الشرير ( زهاك/ ضحاك) الذي تقول القصة انه كان يقتل الاطفال ويطعم ادمغتهم لثعابينه التي يضعها على كتفيه فقتل المئات من اطفال الكورد منهم (١٥) من اطفال كاوه ولم يتبق لديه سوى طفلته الصغيرة فعزم كاوه ان يفديها بروحه فتوجه الى قصر الملك و إشتبك معه وقضى عليه بمطرقته وانهى حكمه الجائر وصعد الى سطح قصر الملك المقتول وأشعل النيران على السطح وحمل شعلة بيده للتعبير للشعب عن الانتصار على الطاغية، وسيراً على هذا التقليد يُشعل الكورد النيران مع بداية ليلة نوروز قبل بزوغ شمس العام الجديد.
من طقوس هذا العيد لدى الكورد هو انهم يخرجون الى الطبيعة مرتدين الازياء التقليدية يتناولون الاكلات الشعبية والحديثة ويترنمون بالاغاني الفلكلورية ويؤدون الدبكات الكوردية.
ويعد عيد نوروز هو العيد الوحيد الذي تحتفل به اديان وقوميات وشعوب مختلفة عبر القارات، وأنتقل هذا العيد بين الشعوب والثقافات عبر طريق الحرير ، إذ تحتفل الشعوب الهندواوروپية و شعوب اسيا الوسطى والبلقان وحوض البحر الاسود والشرق الاوسط والقوقاز والقرم وولاية كوجارات الهندية وشمال غرب الصين وغيرها من المناطق بعيد نوروز بإعتباره بداية السنة الجديدة حيث يستبشر الناس عادة بحلول سنة جديدة بأمل ان تتحقق أمانيهم بحياة مزدهرة وواعدة ، لهذا نجد ان هذا العيد يعد عطلة رسمية في العراق وايران وپاكستان وأفغانستان وآذربيجان وتركمانستان وطاجيكستان وكازاخستان وقرغيزستان والهند وألبانيا وجمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة وغيرها من الدول،كما يجري الاحتفال بعيد نوروز في ساحل شرق افريقيا ويسمى في اللغة السواحيلية ب ( نيروزي) .
وتمثلت الخطوة الاولى لجعل الاحتفال بعيد نوروز مناسبة دولية في قرار منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ( اليونيسكو UNESCO )في ٣٠/٩/٢٠٠٩ بإدراج عيد نوروز في القائمة الدولية النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية( Representative List of the Intangible Cultural Heritage of Humanity) ، ثم جاءت الخطوة التالية عندما قدمت مجموعة من الدول الاعضاء في منظمة الامم المتحدة ( الهند وتركيا وايران وافغانستان والبانيا وطاجيكستان وكازاخستان وقرغيزستان وجمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة) تحت بند (٤٩) من جدول الاعمال المعنون ب ( ثقافة السلام) مشروع قرار معنون ( يوم نوروز الدولي) الى الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة للنظر فيه وإعتماده وفعلاً قامت الجمعية العامة في الجلسة العامة رقم ( ٧١) المعقودة في ٢٣/٢/٢٠٢٣ بإصدار قرارها ذي الرقم ٦٤ / ٢٥٣ أشارت فيه الى حقيقة ان ما يزيد على ٣٠٠ مليون شخص في جميع انحاء العالم يحتفلون بعيد نوروز بإعتباره بداية العام الجديد ، وان الاحتفال به قائم منذ الاف السنين في اسيا الوسطى والبلقان وحوض البحر الاسود والشرق الاوسط والقوقاز و في مناطق اخرى ، وان لنوروز بوصفه تجسيداً لوحدة التراث الثقافي ولتقاليد تعود الى قرون عديدة دوراً هاماً في تعزيز الروابط بين الشعوب على اساس الاحترام المتبادل وقيم السلام وحسن الجوار السامية، وان الاسس التي تقوم عليها تقاليد نوروز وطقوسه تجسد جوانب من العادات الثقافية والتاريخية لحضارات الشرق والغرب التي أثرت في تلك الحضارات من خلال تبادل القيم الانسانية، وان نوروز يؤكد ضرورة العيش في إنسجام مع الطبيعة والتوعية بالصلة التي لا تنفصم بين العمل البناء ودورات التجديد الطبيعية والحرص على المصادر الطبيعية للحياة ومراعاتها، وفي ضوء ذلك قررت الجمعية العامة للامم المتحدة في هذا القرار انها:
١- تعترف بيوم ٢١ آذار / مارس بوصفه يوم نوروز الدولي( International Nowruz Day)
٢- ترحب بالجهود التي تبذلها الدول الاعضاء التي يُحتفل فيها بنوروز من اجل الحفاظ على الثقافة والتقاليد المتصلة بنوروز وتطويرها؛
٣-تشجع الدول الاعضاء على بذل الجهود للتوعية بنوروز وتنظيم مناسبات سنوية إحتفالاً به على النحو المناسب؛
٤- تهيب بالدول الاعضاء التي يُحتفل فيها بنوروز ان تبحث في منشأ هذا العيد وتقاليده لتعميم المعارف بشأن تراث نوروز في اوساط المجتمع الدولي؛
٥- تدعو الدول المهتمة والامم المتحدة ولا سيما وكالاتها المتخصصة وصناديقها وبرامجها المعنية وبخاصة منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم والمنظمات الدولية والاقليمية المهتمة والمنظمات غير الحكومية الى المشاركة في المناسبات التي تنظمها الدول التي يُحتفل فيها بنوروز.
وفي رسالة التهنئة التي وجهها الامين العام للامم المتحدة أنطونيو گوتيريس للمحتفلين بيوم نوروز الدولي في هذا العام (٢٠٢٣) أشار الى ان عيد نوروز هو( يوم للعائلة والاصدقاء للالتقاء والتفكير في الماضي والتطلع الى مستقبل أكثر إشراقاً، وعيد النوروز هو ايضاً احتفال بالتراث الثقافي الغني للبشرية وتنوعها ، وفرصة -لنا جميعاً- للاسترشاد بقيمه المتمثلة في السلام والحوار والتضامن) متمنياً ان يجلب عيد النوروز هذا العام الفرح والصحة الجيدة والازدهار.
اربيل ، اقليم كوردستان ٢٠/٣/٢٠٢٣