بمناسبة مرور عام على الحرب الروسية الاوكرانية
( الحرب الروسية الاوكرانية: الحجج القانونية للطرفين المتحاربين)
الدكتور محمد أحمد رمضان
مساعد رئيس جامعة بيان
اولاً-مقدمة
يمر اليوم عام على بدء الحرب الروسية الاوكرانية في ٢٤/٢/٢٠٢٢ ، هذه الحرب التي إمتدت تداعياتها ، بشكل او بآخر الى معظم دول العالم ان لم يكن جميعها قاطبةً والتي لا يبدو ان ثمة نهاية لها على الاقل في المستقبل المنظور بالرغم من التسليم من قبل الجميع ، سواء الطرفين المتحاربين او الغير بأنها لا يمكن ان تستمر الى مالا نهاية وانه لا بد من وضع حل لها سواء كان حلاً عسكريا وخلال هذا العام ٢٠٢٤ كما يلوح به كل من الطرفين المتحاربين اًو من خلال الحل السلمي العادل كما يدعو اليه العديد من الدول والمنظمات الدولية وآخرها مايشاع في هذه الايام عن مقترح صيني جديد.
ويهدف هذا المقال ، ومن وجهة نظر قانونية موضوعية محضة وليست سياسية ، الى إستعراض مختصر للحجج القانونية للطرفين، دون تقييمها او الرد عليها، لهذه الحرب التي يتحاشى الروس استخدام كلمة( الحرب) عند الاشارة اليها بل يطلقون عليها ( العملية العسكرية الخاصة في اوكرانيا) ، وكذلك يتحاشى الاوكرانيون استخدام تلك الكلمة بل يطلقون عليها ( العدوان الروسي على اوكرانيا).
ثانياً- الحجج القانونية للروس: يستند الروس الى حجة الحق في الدفاع عن روسيا والحق في الدفاع عن الساكنين الناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا لتبرير هذه الحرب وعلى النحو الآتي:-
١- الحق في الدفاع الشرعي عن روسيا: ويستند الروس في ممارسة هذا الحق الى المادة (٥١) من ميثاق الامم المتحدة بسبب سعي اوكرانيا الى الانضمام الى حلف شمال الاطلسي ( الناتو) وبسبب رغبة اوكرانيا، من وجهة نظرهم ، في إمتلاك القنبلة الذرية:-
أ- الحق في الدفاع بسبب سعي اوكرانيا الى الانضمام الى حلف شمال الاطلسي:- يرى الروس ان انضمام اوكرانيا الى حلف الناتو سيعقبه طبقا لسياسات الناتو نشر الاسلحة الاستراتيجية للناتو بما فيها الاسلحة النووية في اراضي الدول الاعضاء في الحلف ، وهو ما سيؤدي الى نشر اسلحة نووية في اوكرانيا أي على حدود روسيا مباشرة وبالتالي فإن ذلك يعد تهديداً فعليا لأمنها القومي مما يوجب التصدي لهذا التهديد ومواجهته حتى لو اقتضى ذلك إستخدام القوة العسكرية ، ذلك لأنه لا يمكن لأية دولة في عصر الاسلحة النووية وسرعتها الفائقة وقوتها التدميرية الشاملة ان تنتظر وقوع هجوم نووي عليها حتى يسمح لها بممارسة حق الدفاع الشرعي عن نفسها ، وانما يحق لها ان تقوم بالدفاع الشرعي الوقائي عن نفسها ضد عدوان نووي وشيك الوقوع. كما ان انضمام اوكرانيا الى حلف الناتو سيدفع الاوكرانيين الى دعوة دول الناتو الى تطبيق المادة الخامسة من ميثاق الحلف لتحرير جزيرة القرم من الروس الذين ضموها الى بلادهم في عام ٢٠١٤.
ب- الحق في الدفاع بسبب رغبة اوكرانيا في إمتلاك القنبلة الذرية: حيث يرى الروس ان الاوكرانيين اصبحوا قاب قوسين او ادنى من الحصول على القنبلة الذرية التي سيستخدمونها حتماً ضد روسيا ، وانه لم يبق امامهم سوى تخصيب اليورانيوم وهو امر سهل بالنسبة للاوكرانيين ولا يشكل عقبة كأداء تحول دون امتلاكهم للقنبلة الذرية.
٢- الحق في الدفاع عن السكان الناطقين بالروسية في اوكرانيا: أشار الرئيس الروسي في خطابه عند بدء الحرب ضد اوكرانيا الى انه يريد الدفاع عن السكان الناطقين باللغة الروسية في اوكرانيا لمواجهة ما وصفه بالابادة الجماعية التي يقوم بها نظام كييف ضدهم كما ان من حق روسيا ان تقوم بالدفاع المشترك مع الدولتين اللتين اعلنها اولئك الساكنون.
ثالثاً- الحجج القانونية للاوكرانيين: يعتبر الاوكرانيون ان الحرب التي تشنها روسيا على بلادهم هي حرب عدوانية تشكل انتهاكاً لمبدأين راسخين من مبادئ ميثاق الامم المتحدة هو مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الاخرى ومبدأ حظر إستخدام القوة العسكرية ضد الدول الاخرى :-
١-الحرب إنتهاك لمبدأ عدم التدخل: يعد مبدأ عدم تدخل الدول في شؤون الدول الاخرى من المبادى الاساسية التي نص عليها ميثاق الامم المتحدة في الفقرة (٧) من المادة (٢) من ذلك الميثاق ، وينظر الاوكرانيون الى الحرب الروسية ضد بلادهم على انها انتهاك صارخ لمبدأ عدم التدخل الذي يحظر على أية دولة ان تتدخل بشكل مباشر او غير مباشر ولأي سبب كان في الشؤون الداخلية او الخارجية لأية دولة اخرى كحق كل دولة في الانضمام الى المنظمات الاقليمية او القارية او الدولية.
٢- الحرب إنتهاك لمبدأ حظر إستخدام القوة العسكرية: يعد مبدأ حظر استخدام القوة من قبل دولة ضد الدول الاخرى او التهديد بإستخدامها هو الاخر من المبادئ الاساسية التي نص عليها ميثاق الامم المتحدة في الفقرة (٤) من المادة (٢) من ذلك الميثاق مع الاخذ بنظر الإعتبار الاستثناءات المحددة بدقة في الميثاق . ويعتبر الاوكرانيون ان شن الحرب عليها من قبل روسيا هو خرق جسيم لمبدأ أممي يحظر إستخدام القوة مهما كان شكلها او مداها من قبل دولة ضد سيادة دولة اخرى وبالتالي فإن ذلك يعطيها الحق في الدفاع الشرعي عن نفسها وعن شعبها ضد ما تعده عدواناً عليها وتهديداً للسلم والامن الدوليين ، وكذلك يعطيها الحق في المطالبة بتطبيق احكام المسؤوليةالدولية المدنية والجنائية عن ذلك وعن آثاره.
كلنا أمل بأن لا تكون نهاية هذه الحرب من خلال حل عسكري بل من خلال حل سلمي منصف وواقعي وشامل.